رغم وقف إطلاق النار.. لبنانيون يتّهمون إسرائيل بمنعهم من إعادة إعمار قراهم المدمّرة
رغم وقف إطلاق النار.. لبنانيون يتّهمون إسرائيل بمنعهم من إعادة إعمار قراهم المدمّرة
اتهم نازحون لبنانيون من الجنوب إسرائيل بعرقلة جهود إعادة إعمار قراهم المدمّرة منذ انتهاء الحرب الأخيرة مع حزب الله، مؤكدين أن الغارات الإسرائيلية المتواصلة تمنعهم من العودة إلى منازلهم أو حتى تفقدها.
وقال المهندس طارق مزرعاني، أحد مؤسسي "تجمّع أبناء القرى الحدودية الجنوبية"، إنهم "لم يعودوا قادرين على العودة أو البناء أو حتى إزالة الركام"، مضيفاً أن "الحرب بالنسبة لهم لم تنتهِ بعد"، رغم مرور عام على وقف إطلاق النار.
وذكرت وكالة فرانس برس، الأربعاء، أن مزرعاني، الذي بدأ حراكاً للمطالبة بعودة النازحين وإعادة إعمار منازلهم، تلقّى تهديداً مباشراً من إسرائيل، حيث بثّت طائرات مسيّرة إسرائيلية فوق القرى الجنوبية رسالة صوتية تهاجمه شخصياً وتتهمه بـ"التآمر"، داعيةً السكان إلى "طرده لضمان الأمن".
وقال مزرعاني، إنه اضطر إلى الانتقال إلى بيروت بعد تصاعد القلق بين عائلته وجيرانه.
وأكد أن إسرائيل "تمنع إزالة الركام وتدمّر الغرف الجاهزة والجرافات"، مشيراً إلى أنها أعلنت صراحة أن "لا إعمار قبل تسليم سلاح حزب الله"، وهو ما يربط مصير المدنيين بالملف العسكري والسياسي.
دمار واتهامات بالتعمد
وثّقت منظمة العفو الدولية في تقرير نُشر في أغسطس الماضي "تعرّض أكثر من 10 آلاف منشأة في الجنوب لأضرار جسيمة أو للتدمير الكلي"، مشيرة إلى أن "الدمار الواسع متعمد"، وأن جزءاً كبيراً منه وقع بعد وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024.
ولا توجد بعدُ إحصاءات رسمية لحجم الدمار، لكن البنك الدولي قدّر كلفة إعادة الإعمار بنحو 11 مليار دولار، في ظل عجز الدولة اللبنانية عن تمويل العملية دون دعم خارجي.
ويربط المجتمع الدولي تقديم هذا الدعم بنزع سلاح حزب الله، ما يفاقم تعقيد المشهد الإنساني والسياسي في الجنوب.
خسائر مدنية بالملايين
في بلدة المصيلح قرب صيدا، دمّرت غارات إسرائيلية في 11 أكتوبر ستة معارض تضم أكثر من 300 جرافة وآلية بناء. وقال أحمد طباجة، صاحب أحد المعارض المتفحمة: "الكل يعلم أن آلياتنا مدنية ولا علاقة لها بالأحزاب، خسرنا أكثر من خمسة ملايين دولار، ولا ضمانات بالأمان لاستئناف العمل".
وفي بلدة مجاورة، قال حسين كنيار (32 عاماً) إن إسرائيل قصفت معرض والده مرتين، مضيفاً: "شاهدت كل شيء يحترق أمامي.. خسارتنا بلغت 12 مليون دولار"، نافياً أي صلة له بحزب الله.
بينما تصرّ إسرائيل على أن تلك المعارض "تخزّن آليات هندسية تُستخدم لإعادة إعمار بنى تحتية تابعة لحزب الله"، وهو ما ينفيه السكان المحليون بشدة.
ضغوط وحسابات معقّدة
تواصل الولايات المتحدة وإسرائيل الضغط على الحكومة اللبنانية لاستكمال نزع سلاح حزب الله، بموجب قرار اتخذته بيروت في أغسطس الماضي وكُلّف الجيش اللبناني بتطبيقه.
غير أن الحزب يرفض التخلي عن سلاحه، معتبراً أن ذلك سيعرّض لبنان "للاستباحة الإسرائيلية"، فيما أبدى الرئيس اللبناني جوزاف عون استعداده للتفاوض سعياً لوقف الغارات.
وفي ظل هذا الجمود، تتزايد معاناة آلاف العائلات التي ما زالت مشردة منذ عامين، يقول محمد رزق (69 عاماً)، أحد النازحين من بلدة حولا: "لم أقطف زيتوني منذ ثلاثة مواسم، ولن يعود الإعمار ما لم يحدث توافق سياسي.. الحرب لم تنتهِ بعد، ستنتهي فقط حين نعود إلى بيوتنا".










